vendredi 27 janvier 2012

                                              الكم في رداءة الفن المغربي 



من الأفكار المغلوطة التي يعمل البعض على ترويجها بشدة، وعن قصد، في المشهد السينمائي المغربي مؤخرا فكرة تقول إنه لا ينبغي أن ننزعج من الكم الكبير من الرداءة
المهيمن على معظم ما يتم إنتاجه من أفلام روائية طويلة وقصيرة ببلادنا لأن تراكم الكم سوف يؤدي حتما إلى «انبثاق» الكيف، حسب مبدأ ديالكتيكي (جدلي) معروف؛ وهي فكرة مغلوطة لأن الكم الذي يجري الحديث عنه لا ينبني على الأساس الفعلي الذي لابد منه لكل إبداع سينمائي وهو التكوين، في البدء وفي المنتهى.
فليس غائبا عن بال أحد أننا لا نتوفر في بلادنا، ولحد الآن، على معهد عالٍ حقيقي للتكوين في مجال السينما، وأن الحرص الشديد الذي أبانت عنه الحكومات السابقة في دعم إنتاج الأفلام والرفع من عددها، لم يوازه حرص مماثل في وضع مشروع المعهد العالي للسينما (الموجود في أدراج وزارة الاتصال منذ أزيد من عشرين عاما) قيد التطبيق (لم يتم البدء في تفعيل المشروع إلا قبل أقل من سنتين). وإذا كان هناك من يرجع سبب ذلك إلى تفضيل كل واحد من المسؤولين الحكوميين، الذين تعاقبوا على وزارة الاتصال، للمشاريع التي يجني ثمارها هو بالذات (قبل مغادرته الوزارة) وليس المشاريع التي تظهر ثمارها في عهد خلفه في المنصب، فإن الحقيقة تبقى واضحة للعيان، وهي أن المغرب المستقل لم يهتم مطلقا وعلى نحو جدي بمسألة التكوين السينمائي طيلة أزيد من نصف قرن، ولو على مستوى إرسال بعثات إلى الخارج بشكل منتظم. لذلك نجد أنفسنا أمام مفارقة تتمثل في اعتماد أهم المخرجين المغاربة (الذين تلقوا دراستهم في الخارج، وبمجهود فردي في الغالب) على طواقم تقنية أجنبية في إنجاز أفلامهم (خاصة على مستوى هندسة الصوت وإدارة التصوير).
الخلاصة إذن هي أن معظم المساهمين في الرفع من «الكم» السينمائي لم يتلقوا أي تكوين في مجال السينما، بل وجدنا منهم من يدافع (بشكل علني وعلى شاشة التلفزيون العمومي) عن انعدام الحاجة إلى التكوين، وأن بإمكان أي شخص يحمل كاميرا أن يتحول إلى مخرج,وهذا ما اصبحنا نعيشه في السنوات الأخيرة,لا لشيء إلا لإنجاح سياسة المهرجانات العديدة التي أصبحت تنبث كالفطر,قصد الاستفادة من ميزانيات بحجة دعم السينما المغربية ,والسياحة المحلية , ولابد من التنبيه هنا إلى الدور الذي لعبه تفعيل بعض التدابير من قبل المركز السينمائي في الرفع من شأن «الأمية» في مشهدنا السينمائي، وعلى رأسها منح «ترخيص تنفيذ الإنتاج» لكل شخص أخرج ثلاثة أفلام قصيرة أو فيلما طويلا واحدا,كيف ما كنت رداءته ورزالته في التطفل على الميدان ,قصد النصب علانية على الفنان من خلال ما يقدم لهم من المال العام  '' على عينك يا بن عدي ''.
لقد كان التصور الذي وضع بمقتضاه هذا الشرط سنة 1002 هو أن تسلّم رخصة تنفيذ الإنتاج لكل شركة أثبتت حضورها في الميدان وأنتجت ثلاثة أفلام، مثلا، لثلاثة مخرجين ( أي مكوَّنين في مجال الإخراج ) على شريط سيليلويد من فئة 35 ملم؛ لكن «التأويل» الذي أعطاه المركز السينمائي لهذا الشرط جعل أي شخص ( ولو بدون أدنى تكوين في السينما ومهنها ) يتحول إلى منتج ومخرج معا،علما أن حتى من يدعون الإخراج والتكوين السينمائي في الخارج أغلبيتهم حاصل, إما على دبلوم المسرح أو تخصصات بعيد كل البعد عن الابداع في مجال لاخراج ولا حتى التصوير,ينجز أفلامه الثلاثة كما أحب وبالشكل الذي يراه مناسبا, يصور فلمه بطريقة تصوير'' لعراسات '' على شريط فيديو (وليس شريط سيليلويد) ثلاثة أفلام قصيرة في ثلاثة أيام بنفس الطاقم وبنفس الممثلين،حسب إمكانياته المادية والذهنية،المرتبطة ببلادته وجهله لفن الإخراج والتصوير ولا حتى التوضيب, يقدمها ويحصل على الترخيص المذكور، بما ينعكس سلبا على الأفراد الذين درسوا السينما فعلا في المعاهد العليا الخارجية، بالخصوص، والذين صاروا يعانون في العثور على منتج فعلي لفيلمهم الأول (لأنهم لا يستطيعون التحول إلى منتجين، ولأن «تقليدا» جديدا تأسس صار «المنتج» الجديد بحسبه مخرجا لنفسه فحسب,ومنهم من حول عشيقته إلى مخرجة,في وقت ان مخرج من القناة من قام بإخراج الإنتاج التلفزيون ولم يضع اسمه لأنه موظف بالقناة و... ). هكذا تحوّل إجراء للضبط إلى وسيلة للرفع من شأن «الأمية» و«الرداءة» في مشهدنا السينمائي وملئه بالمتطفلين الذين يعملون بقصد أو بدونه على تخريبه، وإفقاده لكل مصداقية.
لكل ذلك لا يمكننا أن نرجو أو ننتظر خيرا من كل هذا «الكمّ» الذي «اختلط الحابل فيه بالنابل»، وغابت الجودة (القليلة) ضمنه وسط الرداءة، وكثر فيه «المخرمزون» المحسوبين على المخرجين بقدر قادر ,وبترخيص من السيد مدير المركز السينمائي المغربي ,وبذال تعرف الساحة المغربي في السينما والتلفزيون غزارة الإنتاج وانعدام الإبداع. 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire